رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبده خال
عبده خال

المعركة داخل مسجد

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

بعض الخطباء يريدها أن تكون جذعة. لا يزال العمل على تأجيج المشاعر ضد فئة الإعلاميين قائما على قدم وساق. وألفنا أن بعض المسيسين يدخر قواه وأفراده وتعبئتهم لشن هجوما كاسحا على من يخالفهم في الرأي والتوجه، ولأن القضايا الاجتماعية هي المجال الأرحب لتحركاتهم التي لا تشوبها شائبة وينتهزون أي قضية اجتماعية تظهر على السطح لإشعال ضرام شررها. ولأن المتحاورين يمارسون أدوارهم كتفاعل اجتماعي بين طرق حياة مع أحقية كل فئة التمسك بما تؤمن به من غير خلق فرقة. وفي الآونة الأخيرة وتحديدا في الأسبوعين الأخيرين كانت أخطاء بعض رجال الهيئة محل جدل إعلامي ومجتمعي، وكأي قضية قائمة يمنح المتحاورون الطريقة المثلى للتعايش السلمي مع اختلاف الأطياف والتوجهات التي لا تخرج أي منها عن دائرة الدين. فالحياة ليست طيفا واحدا، فمن يؤمن بقضية ما ليس من واجبه إجبار الآخرين على اتباع إيمانه، ولأن قضية النقاش دائرة في كيفية تقبل الرأي والرأي المخالف مادام الأمر متعلقا بشؤون الحياة فهذا هو الأمر المحبب لأي مجتمع. وأما اختلاف أطياف المجتمع وموقفهم من أخطاء بعض رجال هيئة الأمر بالمعروف لم يكن هدف الحوار منه الإزالة حتى أن المقترح الجوهري قام على إدماج الهيئة مع الشرطة لتحسين الخدمة وانتظامها داخل إطار محكم.. فسطاط ويصبح السؤال : لماذا يفيق الموترون من أجل إشعال حرب لفظية تستهدف تفرقة أطياف المجتمع ؟ هؤلاء الموترون لم يملوا من بناء وتسوير فسطاطين لتفريق المجتمع بين مسلمين وفسقة (مع أن الفسوق لا يخرج صاحبه من الملة) .. وفي كل فسطاط يضعون ما يحبون وما يكرهون، وقد بدأت التقسيمات من وقت مبكر معتمدين على أن الاتباع لا يقرؤون أو أن ما يحمل إلى الاتباع لا يطاله الشك.. ولو استوقفت أحد أولئك وسألته ماذا يعني لك: حداثة .. تغريب.. علماني.. ليبرالي .. فاشستي.. امبريالي وكثير من المصطلحات فلن تجد عنده أي معرفة سوى ما سمعه من هذا الخطيب أو ذلك الواعظ من غير أن يكون ملما بأن تلك المفردات ما هي إلا مدارس فلسفية نشأت في بيئتها وانتقلت إلينا مثلها مثل كل احتياجاتنا الاستهلاكية، فنحن سوق كبيرة جدا تستهلك كل ما ينتجه العالم من غير دراية أو معرفة خصائص كل منتج. المهم أن الحملة ضد الإعلاميين انتقلت من مواقع التواصل الاجتماعي إلى المسجد، نعم إلى المسجد، فأحد الخطباء رفع يديه بالدعاء الشهير :اللهم احبس الدماء في عروقهم.. اللهم يتم أولادهم، وتوالت دعواته الحارقة المفجعة والمؤمنين يؤمنون من خلفه. وحال هذا الإمام إما أن يكون إمعة يردد ما يسمع ويدعو على من لم يسمع أو يكون مسيسا تغالبه نزعة الاحتراب بين المخالفين لرأيه أو رأي جماعته وهذا ليس مكانه خطيبا داخل مسجد. وأن تكون خطيبا في مسجد فهذا يعني أنك ممثل للمحبة وداعٍ الى الله بالحسنى. وكل مناد للمحبة لا يحيد عن طريقه مهما وجد من عنت، فهل سمعت أن قسيسا أو حاخاما توجه للناس برسائل الكره ليظهر صدأ النفس.. كل المتحدثين عن الرسائل السماوية يتسمون بأفضل الخصال البشرية تقربا لجذب الضالين أو المتقاعسين أو المتهاونين أو المعرضين .. ولا يخرج عن زراع المحبة إلا من كانت دعوته لدنيا وليس لمحبة الله. ولو التفتنا إلى شؤون المساجد فسوف نقول إن الخطباء يزيدون إشعال النار بين أطياف المجتمع الواحد.. وكل يوم لهم فئة يدعون عليها بالثبور وعظائم الأمور. وآخر محطات دعواهم هي فئة الإعلاميين. نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up